دور حيوي لفيروس موروث في تطور الأجنة البشرية
منصة الذكاء الاصطناعي ـ متابعات
كشفت دراسة حديثة عن دور بارز يلعبه الفيروس الموروث في تطور الأجنة البشرية، حيث توصلت الدراسة إلى أن الحمض النووي الفيروسي يلعب دورًا حيويًا في الساعات الأولى التي تلي عملية الإخصاب. تشير الدراسة إلى أن حوالي 8% إلى 10% من جينوم الإنسان يتألف من ما يعرف بـ “الفيروسات الراجعة الداخلية”، والتي كان يُعتقد سابقًا أنها مجرد “نفايات” غير ضرورية.
ووفقًا للأبحاث التي أجراها المركز الوطني الإسباني لأبحاث السرطان (CNIO)، فإن هذا الحمض النووي غير المرغوب فيه يلعب دورًا حاسمًا في تحفيز انقسام الخلايا الجنينية من خليتين إلى أربعة خلايا. وتعتبر هذه النقطة هي الفترة التي يصبح فيها الجنين متعدد القدرات، حيث يمكن لكل خلية أن تتطور لتكون أي نوع من خلايا الجسم، سواء كانت خلية في العين للرؤية أو خلية في القلب.
وقد أشار سيرجيو دي لا روزا، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن الفيروسات الراجعة الداخلية كانت تُعتبر في السابق “حمض نووي غير مرغوب فيه”، ولكن في السنوات الأخيرة تبين أن لديها وظائف هامة في تنظيم الجينات الأخرى. وتشير الدراسة التي نُشرت في مجلة Science Advances إلى أن الفيروس القديم المعروف باسم الفيروس الراجع الداخلي (MERVL) يلعب دورًا في تنظيم تطور الأجنة.
وتتضمن العملية جينًا يُعرف بـ URI، والذي تبين سابقًا أن حذفه يؤدي إلى توقف نمو الأجنة في الحيوانات. وتم الآن اكتشاف بروتين يُعرف باسم MERVL-gag، والذي ينتج عن الفيروس الراجع الداخلي، ويعمل على تعديل عمل جين URI. وعندما تكون مستويات البروتين مرتفعة، يتم منع عمل جين URI، في حين يبدأ في العمل عندما تنخفض مستويات بروتين MERVL-gag، مما يؤدي إلى تكاثر الخلايا.
وأكد الدكتور سيرجيو دي لا روزا أن هذه الدراسة توضح أهمية الفيروسات الراجعة الداخلية في تطور الأجنة البشرية. وقد يفتح هذا المجال لفهم أفضل لعملية التنمية الجنينية وكيفية تشكل الأعضاء والأنسجة في الجسم البشري. كما يمكن أن يساعد في فهم بعض الأمراض الجنينية والتشوهات الخلقية التي قد تكون ناتجة عن اضطرابات في هذه العملية.
إن هذا الاكتشاف المثير يبرز المزيد من التعقيد والتنوع في الجينوم البشري وكيفية تأثير العناصر الوراثية المختلفة على تطور الأجنة. وقد يساهم في فهم أفضل للميكانيكيات الجزيئية والجينية التي تحكم تطور الأجنة وتشكل الجسم البشري.
ومع ذلك، تحتاج هذه الدراسة إلى مزيد من الأبحاث والتحليلات لتحديد دور الفيروسات الراجعة الداخلية في تطور الأجنة بشكل أكثر دقة. ومن المهم أيضًا أن يتم دراسة الآثار المحتملة لهذه الفيروسات على صحة الإنسان والتأكد من أنها لا تسبب أي تأثير سلبي.
بشكل عام، يعزز هذا الاكتشاف فهمنا لتطور الحياة والعمليات التي تساهم في تكوين الكائنات الحية. إن دراسة التطور الجنيني والوراثة تعتبر جزءًا أساسيًا من التقدم العلمي وقد تفتح أبوابًا جديدة للعلاجات والتدخلات الجينية المستقبلية.