الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ثورة تقنية أم عبء بيئي؟
بوابة الذكاء الاصطناعي - وحدة المتابعة
تتميز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل GPT-4 من شركة OpenAI، بضخامة حجم المعاملات الحسابية اللازمة لتدريبها، والتي تتطلب كميات هائلة من الطاقة الكهربائية، ما يؤدي إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة الضغط على شبكات الكهرباء. ولا يقتصر الأمر على مرحلة التدريب فحسب، بل تمتد هذه الآثار السلبية لتشمل مراحل نشر النماذج وتفعيلها على نطاق واسع، بالإضافة إلى عمليات التحسين الدقيقة المستمرة لأدائها.
ولا تقتصر التكلفة البيئية على استهلاك الطاقة فحسب، بل تتجاوز ذلك لتشمل كميات ضخمة من المياه اللازمة لتبريد الأجهزة المستخدمة في تدريب ونشر وتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي، ما قد يُسبب ضغطاً كبيراً على موارد المياه المحلية ويهدد التوازن البيئي. كما أن تزايد الطلب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي يُحفز الطلب على أجهزة الحوسبة عالية الأداء، ما يضيف أبعاداً بيئية أخرى تتعلق بتصنيع هذه الأجهزة ونقلها.
تقول البروفيسورة إلسا أوليفيتي، أستاذة في قسم علوم وهندسة المواد، والمسؤولة عن مهمة الحد من الكربون في مشروع المناخ الجديد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “عندما نفكر في الأثر البيئي للذكاء الاصطناعي التوليدي، لا نتحدث فقط عن الكهرباء التي تستهلكها أجهزة الكمبيوتر. بل هناك عواقب أوسع نطاقاً على مستوى النظام، وتستمر بناءً على الإجراءات التي نتخذها”.
وقد أشارت دراسة نُشرت عام 2024، شاركت في تأليفها أوليفيتي وزملاؤها في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى هذه التداعيات الخطيرة.
وتُعتبر مراكز البيانات من العوامل الرئيسية التي تساهم في الأثر البيئي للذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تُستخدم لتدريب وتشغيل نماذج التعلم العميق التي تُشغل أدوات شهيرة مثل ChatGPT و DALL-E. وقد أدى الارتفاع السريع في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى زيادة هائلة في عدد مراكز البيانات، مما زاد من استهلاك الطاقة بشكل كبير.
يقول نورمان بشير، الباحث الرئيسي في الدراسة، وهو زميل في مجال الحوسبة وأثر المناخ في اتحاد ماساتشوستس للمناخ والاستدامة، وباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي: “ما يميز الذكاء الاصطناعي التوليدي هو كثافة الطاقة التي يتطلبها. إنه في الأساس حوسبة، لكن مجموعة تدريب الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تستهلك طاقة تزيد سبع أو ثماني مرات عن عبء الحوسبة النموذجي”.
وتشير التقديرات إلى أن احتياجات مراكز البيانات للطاقة في أمريكا الشمالية ارتفعت من 2688 ميجاوات في نهاية عام 2022 إلى 5341 ميجاوات في نهاية عام 2023، ويعود جزء كبير من هذا الارتفاع إلى الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وبالإضافة إلى استهلاك الطاقة، فإن مراكز البيانات تستهلك كميات هائلة من المياه للتبريد، مما يُسبب آثاراً بيئية سلبية. كما أن تصنيع أجهزة الحوسبة المستخدمة في هذه المراكز، مثل وحدات معالجة الرسومات (GPUs)، يُضيف أبعاداً بيئية أخرى تتعلق بانبعاثات الكربون واستخدام المواد الخام.
ويؤكد بشير على أن هذا المسار غير مستدام، ويُشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات جادة لتشجيع التطوير المسؤول للذكاء الاصطناعي التوليدي، مع مراعاة التكلفة البيئية والاجتماعية الشاملة، وتقييم دقيق للقيمة المضافة لهذه التقنية. ويختتم قائلاً: “نحتاج إلى طريقة أكثر شمولية لفهم الآثار المترتبة على التطورات الجديدة في هذا المجال. ونظراً لسرعة التقدم، لم تُتاح لنا الفرصة بعد لقياس وفهم التوازنات اللازمة”.
هذا المحتوى تم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي